للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«كان الطلاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنه طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم. فأمضاه عليهم (١)».

وعمر رضي الله عنه لم يخف عليه أن السنة ما كان إلى السنتين الأولين من خلافته، وأنها توسعة من الله تعالى لعباده إذ جعل الطلاق مرة بعد مرة، وما كان مرة لم يملك المكلف إيقاع مرات كلها جملة واحدة كاللعان؛ فإنه لو قال: أشهد بالله أربع مرات أني لمن الصادقين كان مرة واحدة ولو حلف في القسامة وقال: " أقسم بالله خمسين يمينا أن هذا قاتل " كان ذلك يمينا واحدا.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قال في يومه: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (٢)».

فلو قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يحصل له هذا الثواب حتى يقولها مرة بعد مرة. فهذه النصوص وغيرها مما في معناها مما دل على اعتبار إيقاع المعدود بعدد مرة بعد مرة، هو الذي يدل عليه المعقول من اللغة والعرف.

وقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (٣) بابها وتلك النصوص واحد ومشكاتها واحدة.

ومما دل عليه حديث ابن عباس رضي الله عنهما مما كان أمر الطلاق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي دل عليه الكتاب والسنة والقياس والإجماع القديم، ولم يأتي بعده إجماع يبطله.

ولكن رأى أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: أن الناس قد استهانوا بأمر


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٢/ ٦٦٨.
(٢) رواه البخاري في كتاب الدعوات باب فضل التسبيح ص٢٠٦ البخاري بشرح فتح الباري ج ١١ ورواه مسلم في كتاب الذكر.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٢٩