للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعذيبهم، حتى أنشأ دائرة متخصصة للبحث عنهم، والتنكيل بهم (١).

وكان الرشيد يخص أبا يوسف بالصحبة والملازمة، والمأمون يشاطر العلماء الجدل العلمي، ويستنهض همهم إلى النقاش الحاد، ويثير القول بخلق القرآن، تلك الفتنة العمياء التي كانت نكتة داكنة في تاريخ المأمون لن تنسى مهما كانت محاسنه. وامتحن فيها علماء سلف الأمة وأئمتها، وكان أشدهم أذى الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - حيث عذب عذابا لم ينله أحد قبله، وكان صابرا محتسبا ثابتا على الحق.

وقد كان لهذه العناية من الخلفاء الأثر الواضح في التشريع إذ اتسع مجال الفقه وغدا المحور الذي تدور عليه وحوله شئون الدولة في جميع المجالات، فكتاب الخراج لأبي يوسف من ثمار هذا النشاط، وقد عالج أبو يوسف فيه كل ما يتعلق بجباية الأموال.

بل إن الأمر تجاوز معالجة واقع الناس إلى افتراض المسائل وتقدير أحكام لها حتى تضخم الفقه، ونما نموا عظيما، شاهده ما حفلت به المدونات الفقهية في ذلك العصر.


(١) ضحى الإسلام لأحمد أمين ١٦٣.