لقد امتازت هذه الفترة ببلوغ الجدل فيه أشده، واتساع مداه؛ لكثرة العلماء وانفراج الحياة الاجتماعية عما كانت عليه من قبل والتوسع في الرأي، والاعتماد عليه في القياس واستمداد أساليب الجدل من المنطق. وكان الجدل بين العلماء يدور حول تحديد معاني الألفاظ اللغوية، وحمل الكلام على الحقيقة أو المجاز حول الكتاب بالسنة والعكس، وعمل الصحابي أهو حجة أم لا؟ والقياس ومداه ومتى يصح ومتى لا يصح، إلى غير ذلك مما يعتمد عليه الفقيه في الاستنباط واستخراج الأحكام.
ومما يؤكد لنا شغف القوم بالجدل والمناظرة أن كل مكان يلتقي فيه العلماء تدور بينهم المناقشات الجدلية والنظرية سواء في حلقات الدروس، أو المنازل أو في المساجد أو في مواسم الحج أو غيرها بالمكاتبة أو المشافهة