فالجواب أنه ما دام عدم العلم مستصحبا فلا إشكال، أما إذا علم البائع بقصد المشتري فلا نسلم أن البائع لا يجب عليه في الحال استرجاع المبيع ورد الثمن، لو ثبت أن هذا القصد كان موجودا وقت العقد، ولو سلمت هذه الصورة فالفرق بينها وبين نكاح المحلل قائم؛ فإن القصد في صورة الشراء لم يناف نفس العقد وهو الملك والانتفاع، أما قصد التحليل؛ فإنه مناف لمقتضى العقد، إذ مقتضاه الدوام والاستمرار، وقد ارتفع ذلك بنية إرجاعها للأول.
وأما قولهم: إن عمر - رضي الله عنه - جوز للزوج الثاني إمساكها بهذا العقد، ومقتضى هذا أن العقد صحيح يترتب عليه أثره.
فالجواب عنه أنه قد ثبت ما يخالف ذلك عن عمر، وعلى فرض أن عمر قال هذا، فذلك لا يقضي بصحة العقد إذا زالت النية الفاسدة؛ لأن العقد إن كان صحيحا مع وجودها - كما ذهب إليه بعض الطوائف - إلا أن الشرط الفاسد الملحق بالعقد إذا حذف بعده صح العقد، وهذا مما اختلف فيه الفقهاء، على أن كثيرا من الصحابة غير عمر قد ذهب إلى ما ذهب إليه أكثر الفقهاء، وهو أنه لا بد من استئناف عقد جديد، وبالجملة فهذا موضع اجتهاد، وأما صحة عقد المحلل بكل حال فلم ينقل لا عن عمر ولا عن غيره من الصحابة بعد البحث التام.