للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محلية المعقود عليه، وإنما وقع في نفس العقد بمنزلة الشرط الذي يعلم أحدهما بإفساده للعقد دون الآخر.

وإذا كان التحريم لحق الله سبحانه فالعقد باطل، والوطء والاستمتاع حرام على الزوج في مثل هذا وفاقا، وهل هو حرام على المرأة في الباطن أو ليس بحرام؟ قولان: أرجحهما الأول، وإن كان هذا الخلاف لا يعود إلى أمر عملي، وإن عاد إلى أمر ظاهري فيقال: هل فعلها في الظاهر حلال أو هو عفو؟

قولان: أرجحهما الثاني، فقد وقع الاتفاق على أن المرأة لا تؤاخذ على شيء من ذلك، وإذا ثبت ذلك ظهر الجواب عن قول الخصم: إنما نحكم بفساد العقد إذا كان التحريم ثابتا من الطرفين، وما معنا ليس كذلك، أو يقال له: أتريد بالتحريم التحريم وإن كان في الباطن فقط؟ أو التحريم الظاهر؟ إن أردت به الأول فلا نسلم أن التحريم ثابت على الزوج وحده، بل نقول: هو ثابت على كل منهما، لكن انتفى حكمه في حق المرأة؛ لفوات الشرط وهو العلم؛ فإن المرأة لو علمت بهذا القصد لحرم العقد عليها، وهذا هو التحريم الباطن، وإذا كان كذلك فقد فسد العقد في الباطن؛ لوجود التحريم في الباطن من الطرفين، وفسد في الظاهر في حق الزوج؛ لوجود التحريم في حق الزوج ظاهرا، فترتب على كل تحريم من الفساد ما يناسبه في محله ظاهرا وباطنا من الطرفين أو من أحدهما.

وإن أردت بالتحريم التحريم الظاهر أو الظاهر والباطن من الطرفين فلا نسلم أن هذا هو الشرط في الفساد، فقد ثبت أن بيع المصراة والمدلس فاسد مع أن الذي يعلم هو البائع فقط والآخر لا إثم عليه؛ لأنه لا يعلم، ولو سلمنا أن هذا العقد صحيح، هل هو صحيح من الطرفين؟ أو من جانب الزوجة فقط؟ أما الأول فممنوع وإن قاسه على المصراة؛ لأنا لا نسلم أن انتفاع البائع بجميع الثمن في صورة التصرية حلال، ولا يلزم من ملك المشتري المبيع ملك البائع العوض، إذا كان ظلما؛ فإن الغاصب الظالم الذي حال بين الشخص وملكه للمظلوم أن يطالبه بالبدل ينتفع به حلالا، والغاصب الظالم لا يملك العين المغصوبة، ولا يحل له الانتفاع بها ونظير ذلك كثير، وإذا لم يقم دليل على صحة العقد من الطرفين فلا نسلم أن النكاح المبيح لعودها إلى الأول هو ما كان صحيحا من أحد الطرفين دون الآخر، وأما قولهم: إن المشتري إذا اشترى سلعة ليستعين بها على معصية ولم يعلم البائع بذلك، فإن البيع لا يفسد