المطلق؛ فإنه لا ضرورة هناك تدعو إلى تصحيح عقده. يقوي هذا أن بعض السلف منهم عمر وعطاء قد روي عنهم جواز إمساك الثاني لها إذا حدثت له الرغبة ومنعوا عودها للأول.
ويجاب عن هذه المناقشة: بما قال ابن تيمية، رحمه الله: إذا انفرد أحد العاقدين بعلمه بسبب التحريم فإما أن يكون التحريم لأجل حق العاقد الآخر، وإما أن يكون لحق الله، فإن كان لأجل حق الآخر كما في بيع المدلس والمصراة ونكاح المعيبة المدلسة ونحو ذلك، فهذا العقد صحيح في حق هذا المغرور باطنا وظاهرا، بحيث يحل له ما ملكه بالعقد، وإن علم فيما بعد أنه كان مغرورا، وأما في حق الغار، فهل يكون باطلا في الباطن بحيث يحرم عليه الانتفاع؟ أو لا يكون باطلا؟ أو يقال: ملكه ملكا حسيا، هذا مما قد يختلف فيه الفقهاء، وما معنا ليس من هذا القبيل.
وإن كان التحريم لغير حق المتعاقدين بل لحق الله سبحانه، أو لحق غيرهما، مثل أن يبيعه ما لا يملكه، والمشتري لا يعلم، أو يبيعه لحما يقول: هذا مذكى. وهو ذبيحة مجوسي أو وثني، ومثل أن يتزوج امرأة، وهو يعلم أنها أخته من الرضاعة وهي لا تعلم ذلك، أو يكون أحد المتبايعين محجورا عليه، وهو يعلم بالحجر الآخر أو بالعكس، أو لا يعلم أن هذا الحجر يبطل التصرف، إلى غير ذلك من الصور التي يكون العقد ليس محلا في نفس الأمر. أو العاقد ليس أهلا من الطرفين، فهنا العقد باطل في حق العالم بالتحريم باطنا وظاهرا.
وإن كان الفقهاء قد اختلفوا هل تستحق المرأة في مثل هذا مهرا؟ فعن أحمد روايتان؛ إحداهما: تستحقه، وهو قول الشافعي، والأخرى: لا تستحقه، وهو قول مالك، ومن أوجب المهر فذلك مخافة أن يخلو الوطء الملحق للنسب عن عوض.
ووجوب المهر والعدة والنسب ليست من اختصاص العقد الصحيح؛ فإن هذه الأشياء تثبت في وطء الشبهة، فإيجاب المهر لا يقضي بصحة العقد، كما أن إيجاب العدة وإلحاق النسب لا يقضيان بصحة العقد، فقد يجب كل منهما مع بطلان العقد، بل كل نكاح فاسد يثبت فيه ذلك وإن كان مجمعا على فساده.
ومسألتنا من النوع الثاني الذي ثبت التحريم فيه لحق الله تعالى؛ فإن قصد التحليل إنما حرم لحق الله سبحانه بحيث لو علمت المرأة أو وليها بقصده التحليل لم تجز مناكحته، فالتحليل هنا لم يقع في أهلية العاقد ولا في