للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحلل لا يراقب الله ولا يتقيه، ولا يقف عند حدوده، فقد يجمع بين الأم وابنتها في عقدين، ويجامع أكثر من أربع، وقد يجمع بين الأم وابنتها، وإن لم يكن هذا من لوازم نكاح التحليل، إلا أن التحليل يعطي الفرصة للرجل الفاسد رقيق الدين خبيث الطوية للعبث وارتكاب المحرم.

وإذا كان هذا شأنه وهذه صفاته فهو جدير باللعن كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المحلل والمحلل له (١)».

ونكاح التحليل لا تحل به المرأة لزوجها الأول، بل تبقى حراما عليه؛ لأن المحلل مخادع لله، ومن يخادع الله يخدعه، والبائن بينونة كبرى لا تحل للأول إلا بنكاح رغبة لا نكاح دلسة، وإن الشريعة الإسلامية التي هي خاتمة الأديان، والإسلام دين الله الذي اختاره واصطفاه وطهره جدير بالاحترام والعناية، ويجب تطهيره من الحيل الذميمة التي تشوه الدين، وتعطي الفرص للمغرضين بالعيب على الإسلام والمسلمين.

وقد جاءت شريعة الإسلام بحمد الله واضحة ظاهرة فالحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ولقد عنيت شريعتنا الغراء بأمر الزواج، واهتمت أعظم الاهتمام بالأسرة والزواج، ووضعت لذلك نظاما كاملا محكما تنشأ فيه رابطة الزوجية على أساس من الطهر والثقة والتقدير المتبادل، وتقوم فيه علاقة الزوجين على أساس من المودة والرحمة والسكينة حتى تنبت فيه شجرة الأسرة قوية الجذور باسقة الفروع، وتنمو وتزدهر وتثمر أينع الثمر، وتنشر في الناس ظلا وارفا وأريجا عطرا، ولقد كانت عناية الشريعة الإسلامية بالزواج أكبر وأوسع من أي شريعة أخرى، إذ جعلها الله سبحانه وتعالى من آياته في خلقه، وعده من نعمه على عباده، وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (٢) وقد بينت الشريعة ما يحل نكاحه من النساء وما يحرم وأحاطت عقد الزواج بأوثق الضمانات التي تكفل سعادة الزوجين وتأتي


(١) أخرجه البخاري وهو جزء من ص١٤٩ ج٦، والترمذي ص٤٣ ج٥، والبيهقي ص٢٠٨ - ط / حيدر آباد.
(٢) سورة الروم الآية ٢١