الساحة الفكرية أخذ المعتزلة موقفا مضادا له، وأخذ الأشاعرة موقفا متوسطا، وفي كل ذلك جدل ومناظرات كانت سمة العصر وطابع الفكر الإسلامي آنذاك (١).
أقول في ضوء الحقيقتين السابقتين: يجب أن ننظر إلى الفرق باعتبارها عاملا هاما في ازدهار حركة الجدل الديني في القرنين الثاني والثالث الهجريين، ومقارنة معتقدات كل وأصولها بمعتقدات وأصول غيرها، ثم رصد ما حدث بينهم من مناظرات ومراسلات يظهر أثرهم في الفكر الإسلامي، وليس تفصيل هذا من خطتنا، وإنما حسبنا أن نشير إلى الظاهرة وندل عليها في مظانها من كتب الفرق والملل والنحل، كما نشير إلى أن أثر الفرق ليس راجعا إلى موضوعات الجدل بقدر ما هو راجع إلى منهج تناول هذه الموضوعات والهدف المرتبط به.
(١) أبو زهرة / مالك / ١١٧ - ١٢١. وأبو حنيفة / ٨٠ - ٩٠. (دار الفكر العربي دت).