للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدمة ألف، وبلاد كثيرة ونيابات. وحملوا على مدينة جبلة فدخلوها وقتلوا خلقا من أهلها، وخرجوا منها يقولون: لا إله إلا علي، ولا حجاب إلا محمد، ولا باب إلا سلمان وسبوا الشيخين، وصاح أهل البلد، واإسلاماه، واسلطاناه، واأميراه، فلم يكن لهم يومئذ ناصر ولا منجد، وجعلوا يبكون ويتضرعون إلى الله عز وجل " (١).

فانظر كم انقلبت الأوضاع، من أفتى العلماء بكفرهم يعلنون أن منهم المهدي ولكن أقوالهم وأفعالهم تشهد أنهم أبعد أهل عصرهم عن دين الله الإسلام.

٣ - قتل شخص يدعي النبوة، ففي سنة عشرين وسبعمائة للهجرة حدث أن ضربت عنق شخص يقال له: عبد الله الرومي، وكان غلاما لبعض التجار، وكان قد لزم الجامع، ثم ادعى النبوة واستتيب فلم يرجع فضربت عنقه، وكان أشقر أزرق العينين جاهلا، وكان قد خالطه شيطان حسن له ذلك، واضطرب عقله في نفس الأمر، وهو في نفسه شيطان إنسي (٢).

٤ - الصوفية وغلوهم: لقد كان لابن تيمية مع صوفية عصره مواقف قاسى فيها منهم الكثير، فلقد ادعى عليه صوفية القاهرة ما لم يقله في أمور الشفاعة وابن عربي وشكوه إلى القاضي، ونتج عن هذا أنه خير بين السفر إلى دمشق أو الإسكندرية بشروط أو الحبس، فاختار الحبس، ثم سافر إلى دمشق بعد ذلك (٣).

على أن هذه المكائد من الصوفية لابن تيمية لم تكن إلا لأنه أظهر لهم فساد عقائدهم وما يلبسون به على الناس، ففي سنة (٧٥٥ هـ) كان له مع أصحاب الطريقة الأحمدية موقف، إذ طلبوا من نائب السلطنة أن يتركهم ابن تيمية وحالهم ودجلهم على الناس بدخول النار. ولكن شيخ الإسلام أصر على أن كل حال لا بد أن تدخل تحت الكتاب والسنة، وأظهر للناس خطأ فهمهم،


(١) البداية والنهاية / ١٤/ ٧٢.
(٢) البداية والنهاية / ١٤/ ٨٣.
(٣) البداية والنهاية / ١٤/ ٣٩، ٤٠.