للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ... ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر

فإني بحمد الله في خير أسرة ... كرام معد كابرا بعد كابر (١)

وانطلق الكلبيون إلى ديارهم، وأعلموا أباه بمكانه، ووصفوا له موضعه وعند من هو، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل بفدائه، وقدما مكة، «فسألا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل: هو في المسجد. فدخلا عليه، فقال: " يا ابن عبد الله يا ابن عبد المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه، أنتم أهل الحرم وجيرانه وعند بيته، تفكون العاني، وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه، فإنا سنرفع لك في الفداء". قال: " من هو؟ "، قالوا: " زيد بن حارثة "، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فهل لغير ذلك؟ " قالوا: " ما هو؟ " فقال: " دعوه فخيروه، فإن اختاركم فهو لكما بغير فداء، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا ". قالا: "زدتنا في النصف وأحسنت". ودعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " هل تعرف هؤلاء؟ " قال: "نعم"، قال: " من هما؟ " قال: "هذا أبي - وهذا عمي". قال: " فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك - فاخترني أو اخترهما "، فقال زيد: "ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني بمكان الأب والأم "، فقالا: "ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك؟! "، قال: "نعم! إني قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا". فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أخرجه إلى (الحجر) (٢) فقال: " يا من حضر! اشهدوا أن زيدا ابني، أرثه ويرثني». فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما وانصرفا، فدعي: زيد بن محمد، حتى جاء الله بالإسلام.

ويبدو من سياق هذا الحديث، أنه جرى قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام،


(١) أسد الغابة (٢/ ٢٢٥) والاستيعاب (٢/ ٥٤٤) وطبقات ابن سعد (٣/ ٤١).
(٢) حجر الكعبة، انظر التفاصيل في معجم البلدان (٣/ ٢٢٠ - ٢٢١).