للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما المؤرخ العالمي (روبرت فلنت) فيقول عن ابن خلدون في كتابه الضخم (تأريخ فلسفة التأريخ):

" إنه لا العالم الكلاسيكي ولا المسيحي الوسيط قد أنجب مثيلا له في فلسفة التاريخ، هناك من يتفوقون عليه كمؤرخ، حتى بين المؤلفين العرب، أما كباحث نظري في التأريخ فليس له مثيل في أي عصر أو قطر، حتى ظهر فيكو بعده بأكثر من ثلاثة قرون لم يكن " أفلاطون " أو " أرسطو " أو " سان " أو " غسطين " أندادا له، ولا يستحق غيرهم أن يذكر إلى جانبه. . إنه يثير الإعجاب بأصالته وفطنته، بعمقه وشموله، لقد كان فريدا ووحيدا بين معاصريه في فلسفة التأريخ، كما أن دانتي في الشعر، وروجو بيكون في العلم، لقد جمع مؤرخو العرب المادة التاريخية، ولكنه وحده الذي استخدمها " (١).

" لم يكن فحسب أعظم مؤرخي العصور الوسطى شامخا كعملاق بين قبيلة من الأقزام، بل كان من أوائل فلاسفة التأريخ سابقا:

ميكيافيلي، وبودان، وفيكو، وكونت، وكورنو "!! (٢).

وبما أن ابن خلدون أسبقهم زمانا وأبعدهم مكانة، كلهم كانوا عالة عليه، فإنه في الحق الإمام لمدرسة فلسفة التأريخ، والفيصل بين مرحلتين حاسمتين في منهج البحث التأريخي، إنه بداية عصر جديد في الكتابة التاريخية نستطيع أن نسميه بلا تحفظ (عصر ابن خلدون).


(١) نقلا عن أرنولد توينبي: مقال بعالم الفكر المجلد الخامس العدد الأول - الكويت.
(٢) نقلا عن د. أحمد محمد صبحي: في فلسفة التاريخ ١٣٤/ ١٣٥