للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انغمسوا في النعيم أصبحوا عيالا على الدولة، كأنهم من جملة النسوان والولدان المحتاجين إلى المدافعة عنهم، فالترف مفسد لبأس الفرد وشكيمة الدولة، والترف مفسد للخلق بما يحصل في النفس من ألوان الفساد والسفه، والترف مظهر لحياة السكون والدعة ودليل ميل النفس إلى الدنيا والتكالب على تحصيل متعها، حتى يتفشى الخلاف والتحاسد، ويفت ذلك في التعاضد والتعاون، ويفضي إلى المنازعة ونهاية الدولة (١).

وقد انتهى ابن خلدون من خلال نظريته في تفسير التاريخ - باستثناء عشرات النظرات والآراء الجزئية - إلى عدد من القوانين اعتبرت جوهر نظريته، وهي:

١ - أن تطور التاريخ يخضع للتدافع والصراع والتفاعل.

٢ - أن العصبية الدينية والقبلية لها دور أساسي في بناء الدول.

٣ - أن الحضارة كالكائن الحي في تطوره من البداوة إلى الحضارة ثم الاضمحلال.

٤ - وأن الدول كالأفراد تخضع لدورة الحياة الفردية نفسها حتى تموت.

٥ - أن العوامل الجغرافية والبيئية مؤثرة في التاريخ.

٦ - أن للاقتصاد دورا مهما في العمران البشري.

٧ - أن الدول تسقط بسقوط العصبية والولاء للدين.

٨ - أن العرب (والإنسانية كلها) لا تصلح بغير الدين.

إنني هنا لا أحاول القيام بعملية استقصائية للنظرية الخلدونية في تفسير


(١) المرجع السابق ١٤٩