للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استفاد اسم (الخالق). ولا بإحداث البرية استفاد اسم (الباري). له معنى الربوبية ولا مربوب. ومعنى الخالق ولا مخلوق. كما أنه محيي الموتى بعدما أحيا. استحق هذا الاسم قبل إحيائهم. كذلك استحق اسم الخالق قبل إنشائهم. ذلك بأنه على كل شيء قدير، كل شيء إليه فقير. كل أمر عليه يسير. لا يحتاج إلى شيء {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (١) خلق الخلق بعلمه. وقدر لهم أقدارا. وضرب لهم آجالا. ولم يخف عليه شيء قبل أن يخلقهم. وعلم ما هم عاملون قبل أن يخلقهم. وأمرهم بطاعته. ونهاهم عن معصيته. كل شيء يجري بتقديره ومشيئته. ومشيئته تنفذ. لا مشيئة للعباد. إلا ما شاء لهم، فما شاء لهم كان. وما لم يشأ لم يكن.

يهدي من يشاء. ويعصم ويعافي فضلا. ويضل من يشاء. ويخذل ويبتلي عدلا. كلهم يتقلبون في مشيئته، بين فضله وعدله. وهو متعال عن الأضداد والأنداد. لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه ولا غالب لأمره. آمنا بذلك كله، وأيقنا أن كلا من عنده. وأن محمدا عبده المصطفى ونبيه المجتبى ورسوله المرتضى. وأنه خاتم الأنبياء. وإمام الأتقياء. وسيد المرسلين. وحبيب رب العالمين. كل دعوى النبوة بعده فغي وهوى. وهو المبعوث إلى عامة الجن وكافة الورى. بالحق والهدى. وبالنور والضياء. وأن القرآن كلام الله. منه بدا بلا كيفية قولا. وأنزله على رسوله وحيا. وصدقه المؤمنون على ذلك حقا. وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة. ليس بمخلوق ككلام البرية. فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر فقد كفر. وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر. حيث قال تعالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} (٢)


(١) سورة الشورى الآية ١١
(٢) سورة المدثر الآية ٢٦