للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} (١).

فويل لمن صار لله تعالى في القدر خصيما. وأحضر للنظر فيه قلبا سقيما. لقد التمس بوهمه في فحص الغيب سرا كتيما. وعاد بما قال فيه أفاكا أثيما.

والعرش والكرسي حق. وهو مستغن عن العرش وما دونه. محيط بكل شيء وفوقه، وقد أعجز عن الإحاطة خلقه.

مراده رحمه الله بالعلم المفقود هو علم الغيب، وهو مختص بالله عز وجل، ومن ادعاه من الناس كفر لقول الله سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} (٢) الآية، وقوله عز وجل: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (٣) الآية.

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله. ثم تلا قوله سبحانه: (٥)» الآية. ولأحاديث صحيحة كثيرة وردت في الباب تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، مع أنه أفضل الخلق وسيد الرسل، فغيره من باب أولى، وهو صلى الله عليه وسلم لا يعلم من ذلك إلا ما علمه إياه سبحانه، ولما تكلم أهل الإفك في عائشة رضي الله عنها لم يعلم براءتها إلا بنزول الوحي، ولما ضاع عقدها في بعض أسفاره صلى الله عليه وسلم بعث جماعة في طلبه، ولم يعلم مكانه، حتى أقاموا البعير فوجدوه تحته، والأدلة من الكتاب والسنة في هذا كثيرة والحمد لله.


(١) سورة الأحزاب الآية ٣٨
(٢) سورة الأنعام الآية ٥٩
(٣) سورة النمل الآية ٦٥
(٤) صحيح البخاري تفسير القرآن (٤٧٧٧)، صحيح مسلم الإيمان (١٠)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٤٩٩١)، سنن ابن ماجه المقدمة (٦٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٢٦).
(٥) سورة لقمان الآية ٣٤ (٤) {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}