فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منور قلبه من أولياء الله تعالى. وهي درجة الراسخين في العلم؛ لأن العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر. ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود.
ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رقم. فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن، لم يقدروا عليه. ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائنا، لم يقدروا عليه. جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة. وما أخطأ العبد لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه.
وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه. فقدر ذلك تقديرا محكما مبرما. ليس فيه ناقض، ولا معقب، ولا مزيل ولا مغير. ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه. وذلك من عقد الإيمان وأصول المعرفة والاعتراف بتوحيد الله تعالى وبربوبيته. كما قال تعالى في كتابه:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}(١)