للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العقد أو بعده - ولم يذكراه في حين عقد البيع فالبيع صحيح تام والشرط باطل لا يلزم (١)، فإن ذكرا ذلك الشرط في حال عقد البيع (٢) فالبيع باطل مفسوخ والشرط باطل أي شرط كان لا تحاش شيئا إلا سبعة شروط فقط فإنها لازمة والبيع صحيح إن اشترطت في البيع، وهي اشتراط الرهن فيما تبايعاه إلى أجل مسمى، واشتراط تأخير الثمن إن كان دنانير أو دراهم إلى أجل مسمى، واشتراط أداء الثمن إلى الميسرة وإن لم يذكر أجلا، واشتراط صفات المبيع التي يتراضيانها معا ويتبايعان ذلك الشيء على أنه بتلك الصفة، واشتراط أن لا خلا به، وبيع العبد والأمة فيشترط المشتري مالهما أو بعضه مسمى معينا أو جزءا منسوبا مشاعا في جميعه سواء كان مالهما مجهولا كله أو معلوما كله أو معلوما بعضه مجهولا بعضه. أو بيع أصول نخل فيه ثمرة قد أبرت قبل الطيب أو بعده، فيشترط المشتري الثمرة لنفسه أو جزءا معينا منها أو مسمى مشاعا في جميعها. فهذه ولا مزيد، وسائرها باطل كما قدمنا، كمن باع مملوكا بشرط العتق أو أمة بشرط الإيلاد، أو دابة واشترط ركوبها مدة مسماة، قلت: أو كثرت أو إلى مكان مسمى قريب أو بعيد، أو دارا واشترط سكناها ساعة، فما فوقها أو غير ذلك من الشروط كلها.

برهان ذلك ما رويناه من طريق مسلم بن حجاج نا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني لا أبو أسامة - هو حماد بن أسامة - لا هشام بن عروة عن أبيه قال: أخبرتني عائشة أم المؤمنين فذكرت حديثا قالت فيه: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أما بعد فما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ما من شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل وإن كان مائة شرط كتاب الله أحق وشرط الله أوثق (٤)» وذكر باقي الخبر، ومن طريق أبي داود حدثنا القعنبي، وقتيبة بن سعيد قالا جميعا: نا الليث - هو ابن سعد - عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير قال: إن عائشة أم المؤمنين أخبرته «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فقال: ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له وإن اشترط مائة مرة، شرط الله أحق وأوثق (٥)» فهذا الأثر كالشمس صحة وبيانا يرفع الإشكال كله: فلما كانت الشروط كلها باطلة غير ما ذكرنا، كان كل عقد من بيع أو غيره عقد على شرط باطل باطلا، ولا بد؛ لأنه عقد على أنه لا يصح (٦) إلا بصحة الشرط والشرط لا صحة له، فلا صحة لما عقد بأن لا صحة إلا بصحة ما لا يصح.

قال أبو محمد: وأما تصحيحنا الشروط السبعة التي ذكرنا فإنها منصوص على صحتها، وكل ما نص رسول


(١) في النسخة رقم ١٦ " فلم يلزم ".
(٢) في النسخة رقم ١٦ ففي حال العقد.
(٣) صحيح البخاري العتق (٢٥٦٣)، صحيح مسلم العتق (١٥٠٤)، سنن الترمذي الوصايا (٢١٢٤)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٥١)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٥٢١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٢١٣)، موطأ مالك العتق والولاء (١٥١٩).
(٤) الزيادة من صحيح مسلم ج ١ ص ٤٤٠. (٣)
(٥) الحديث في سنن أبي داود مطولا اختصره المؤلف.
(٦) في النسخة رقم ١٤ (لأنه عقد ما لا يصح).