للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله - صلى الله عليه وسلم - (١) فهو في كتاب الله عز وجل، قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (٢) وقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (٣) {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (٤) وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (٥) فأما (٦) اشتراط الرهن في البيع إلى أجل مسمى فلقوله تعالى: {وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (٧) وأما اشتراط الثمن إلى أجل مسمى فلقوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (٨) وأما اشتراط أن لا خلا به فقد ذكرنا الخبر في ذلك قبل هذا المكان بنحو أربع مسائل (٩) وأما اشتراط الصفات التي يتبايعان عليها من السلامة: أو من أن لا خديعة ومن صناعة العبد، أو الأمة، أو سائر صفات المبيع فلقول الله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (١٠) فنص تعالى على التراضي منهما، والتراضي لا يكون إلا على صفات المبيع، وصفات الثمن ضرورة. أما اشتراط الثمن إلى الميسرة فلقول الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (١١) وروينا من طريق شعبة أخبرني عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى يهودي - قدمت عليه ثياب -: «ابعث إلي بثوبين إلى الميسرة» وذكر باقي الخبر. وأما مال العبد، أو الأمة واشتراطه. واشتراط ثمر النخل المؤبر، فلما روينا من طريق عبد الرزاق نا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا إن اشترطه المبتاع، ومن باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع (١٢)».

قال أبو محمد: ولو وجدنا خبرا يصح في غير هذه الشروط باقيا غير منسوخ لقلنا به ولم نخالفه، وسنذكر إن شاء الله تعالى حكم هذين الشرطين إذ قد ذكرنا غيرهما والحمد لله رب العالمين. وقد ذكرنا رواية عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: كل بيع فيه شرط فليس بيعا.

قال علي: فإن احتج معارض لنا بقول الله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (١٣) وقوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} (١٤) وبما روى: «المسلمون عند شروطهم (١٥)» قلنا وبالله تعالى التوفيق (١٦): أما أمر الله تعالى بالوفاء بالعقود لا يختلف اثنان في أنه ليس على عمومه ولا على ظاهره، وقد جاء القرآن بأن تجتنب نواهي الله تعالى ومعاصيه، فمن عقد على معصية حرم عليه الوفاء بها، فإذ لا شك في هذا فقد صح أن كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل والباطل محرم، فكل محرم فلا يحل الوفاء به، وكذلك قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} (١٧)


(١) سقط لفظ (عليه) من النسخة رقم ١٤.
(٢) سورة النحل الآية ٤٤
(٣) سورة النجم الآية ٣
(٤) سورة النجم الآية ٤
(٥) سورة النساء الآية ٨٠
(٦) في النسخة رقم ١٤ (وأما).
(٧) سورة البقرة الآية ٢٨٣
(٨) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٩) ذكر في ص ٣٧٦.
(١٠) سورة النساء الآية ٢٩
(١١) سورة البقرة الآية ٢٨٠
(١٢) صحيح البخاري المساقاة (٢٣٧٩)، صحيح مسلم البيوع (١٥٤٣)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٤)، سنن النسائي البيوع (٤٦٣٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٣٣)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢١١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٩)، موطأ مالك البيوع (١٣٠٢).
(١٣) سورة المائدة الآية ١
(١٤) سورة النحل الآية ٩١
(١٥) سنن أبو داود الأقضية (٣٥٩٤).
(١٦) الزيادة من النسخة الحلبية.
(١٧) سورة النحل الآية ٩١