للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - المدة عند الشافعية:

اختلف قول الشافعي في أكثر مدة الإجارة والمساقاة فقال في موضع سنة ووجهه الشيرازي بأنه عقد على غرر أجيز للحاجة ولا تدعو الحاجة: أكثر من سنة لأن منافع الأعيان تتكامل في سنة وناقشه ابن قدامة بأنه تحديد لا أصل له وقال في موضع ثلاثين سنة: ووجه الشيرازي بأنه شطر لعمر ولا تبقى الأعيان على صفة: أكثر من ذلك وناقشه ابن قدامة بأنه تحديد لا أصل له. وقال في موضع آخر يجوز ما شاء وفي أصحابه من قال هي على القولين وأما الثلاثون فإنما ذكرها على سبيل التكثير لا على سبيل التحديد وهو الصحيح. ووجه الشيرازي القول بالجواز ما شاء بأن كل عقد جاز إلى سنة جاز إلى أكثر منها كالكتابة والبيع إلى أجل ووجه بعض الشافعية بأن المصلحة المجوزة لإجارة المدة الطويلة هي المصلحة: ترجع إلى بقاء عين الوقف وأما مجرد زيادة أجرة المثل فلا تجوز إجارة المدة الطويلة لأنها تؤدي إلى تملك الوقف ومفاسد أخرى ومحل امتناعها إذا كانت المصلحة عائدة للمستحقين فقط وأما إطلاق الأذرعي امتناعها وإن عادت إلى عين الوقف فلا يتجه كما بينه أبو زرعة وذلك لأن رعاية حفظ المصلحة بالعمارة أولى من مملكه. وقد تباينت آراء الأئمة الشافعية في إجارة الوقف المدة الطويلة فمنعها الأذرعي والزركشي ومن وافقهما وبنوا المنع على أن المفاسد محققة وجوزها آخرون بشروط منهم السبكي وأبو زرعة وغيرهما. وقد شرط أبو زرعة لإجارة الدار مدة تبقى غالبا إذا لم يكن للوقف حاصل يعمر به ولا وجد من يقرض القدر المحتاج إليه للعمارة بأقل من أجرة تلك المدة (١). وإذا خالف الناظر شرط الواقف فشرط الواقف ألا يؤجر إلا على سنة فأجره عشرين عاما لا لمصلحة


(١) ص، ٥٨ من البحث.