للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشبه والأدلة التي تشبث بها المبتلون بحب هذه البدع؟ والجواب على ذلك أن نقول: إن هذه الشبه لا تخرج عن أمرين، إما نصوص صحيحة يحرفون فيها الكلم عن مواضعه ويصرفونها عن معانيها الحقيقية وإما أحاديث واهية أو موضوعة شحنوا بها كتبهم ونسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبا وزورا.

مثال ذلك حديث «ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، (١)» وحديث «اختلاف أمتي رحمة» وحديث «توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم» وغير ذلك من الأحاديث الملفقة والتي تصدى لها علماء السنة بالبحث والتنقيب وبينوا عللها وخطورتها وما تنطوي عليه تلك الأحاديث المنكرة من المعاني الخطيرة والدس الرخيص على الإسلام، وإتاحة الفرص لنيل الأعداء من الإسلام، ولكن الله قيض لهذه الأمة من طهر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم من الدخيل وذلك بعلم الإسناد الذي لا شك أنه من أعظم ما ميز الله به هذه الأمة. قال عبد الله بن المبارك -رحمه الله-: (لولا الإسناد لقال في السنة من شاء ما شاء).

ولما كانت هذه الأحاديث التي تعلقوا بها كثيرة فإني لن أتوسع في سردها وإنما أحيل إلى كتب السنة وما ألف في خدمتها ففيها غنية لمن رزقه الله العقل وحسن البصيرة ولكن الذي سنلقي عليه الضوء بشيء من الكشف والبيان هي تلك النصوص التي صرفوها عن ظاهرها زاعمين أنها تؤيد ما أحدثوه من البدع، منها:

أولا: حديث جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه- الذي رواه مسلم في صحيحه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها


(١) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٧٩).