للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الثاني: ما تقدم من الفرق بين السنة والبدعة من أن السنة هي الطريق المتبع والبدعة هي الإحداث في الدين، هذا المفهوم هو الذي عليه علماء الأمة خلفا عن سلف ولم ينقل عن أحد منهم أنه فسر السنة الحسنة بالبدعة التي يحدثها الناس من عند أنفسهم ولم ينزل الله بها من سلطان.

الوجه الثالث: فهم السلف قاطبة من قوله صلى الله عليه وسلم: «من سن سنة (١)» أي أحيا سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم حين يميتها الناس ويتبعه الناس في هذا الإحياء الذي دعاهم إليه يوضح ذلك حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- الذي رواه مسلم فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيء (٢)» فإن قوله: من دعا إلى هدى تفسير لما أجمل في قوله من سن سنة حسنة، وبالمقابل «من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيء (٣)». وقد دلت الأحاديث على أن كل بدعة ضلالة بدون استثناء لأي نوع من البدع فمن دعا إلى بدعة محدثة في الدين فقد دعا إلى ضلالة سواء سماها بدعة حسنة أو لم يسمها كذلك.

الوجه الرابع: قالوا: بأن البدعة قسمان - حسنة وقبيحة - وهو تقسيم من عند أنفسهم ولمحض عقولهم الفاسدة، ونحن نوجه إليهم هذا السؤال: كيف نعرف أن هذا العمل حسن أو قبيح؟ وبالطبع سيجيب كل عاقل بأن الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع ولا يعرف هذا إلا بالرجوع إلى الكتاب والسنة، فيقال لهم حينئذ: إن الكتاب والسنة قد دلا على ذم البدع كما تقدم في الأدلة، فما وجه تقسيمكم هذا؟


(١) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٧)، سنن الترمذي العلم (٢٦٧٥)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٥٤)، سنن ابن ماجه المقدمة (٢٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٩)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٢).
(٢) صحيح مسلم العلم (٢٦٧٤)، سنن الترمذي العلم (٢٦٧٤)، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٩٧)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٣).
(٣) صحيح مسلم العلم (٢٦٧٤)، سنن الترمذي العلم (٢٦٧٤)، سنن أبو داود السنة (٤٦٠٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٩٧)، سنن الدارمي المقدمة (٥١٣).