للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدثت ثلاثة أشياء: الميل إلى الرأي، والكلام، والتصوف. وحدث التجهم وهو نفي الصفات، وحدث بإزائه التمثيل.

وكذلك المبتدعة والمنحرفون كانوا يبحثون عن مستندات عن النصوص يعتمدون عليها في كسب أعوان لهم.

وكان جمهور أهل الرأي من الكوفة، إذ هو غالب على أهلها مع ما كان فيهم من التشيع الفاحش وكثرة الكذب في الرواية مع أن في خيار أهلها من العلم والصدق والسنة والفقه والعبادة أمرا عظيما. لكن الغرض أن فيها نشأ كثرة الكذب في الرواية (١) فقد روي عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري أنه قال: جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة رضي الله عنها ونحن عندها جلوس، مرجعه من العراق ليالي قتل علي، فقالت له يا عبد الله بن شداد: هل أنت صادق عما أسألك عنه، تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي؟ قال: وما لي لا أصدقك؟ قالت فحدثني عن قصتهم إلى أن قالت: فما قول علي حين قام عليه، كما يزعم أهل العراق؟ قال سمعته يقول: صدق الله ورسوله. قالت: هل سمعت منه أنه قال غير ذلك؟ قال اللهم لا، قالت: أجل، صدق الله ورسوله، يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله فيذهب أهل العراق يكذبون عليه ويزيدون في الحديث (٢).

وقد روى ابن سعد عن سليمان بن الربيع أنه دخل هو ونفر من أصحابه من أهل البصرة على عبد الله بن عمرو بن العاص، فطلبوا منه أن يحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: ممن أنتم؟ قالوا: من أهل


(١) راجع الفتاوى ١/ ٣٥٦، ٥٧، ٥٨
(٢) ترتيب المسند ٢٣/ ١٥٩ - ١٦٠ أبواب ما جاء في خلافة علي بن أبي طالب.