للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك، وعلى ولي الأمر المنع من هذه المعاملات الربوية وعقوبة من يفعلها ورد الناس فيها إلى رؤوس أموالهم دون الزيادات، فإن هذا من الربا الذي حرمه الله ورسوله وقد قال تعالى {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١) {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (٢) {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٣).

أقول

ومن كلامه رحمه الله تعالى يتضح لنا حرمة المداينة المعمول بها حاليا على نحو ما ذكره وأعظم منها حرمة قلب الدين على المدين؛ لأنه بيع دراهم بأكثر منها نسأل الله العافية.

وحينما سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن رجل مراب خلف مالا وولدا وهو يعلم بحاله فهل يكون المال حلالا للولد بالميراث أم لا؟ قال:

أما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه. إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به والباقي لا يحرم عليه، لكن القدر المشتبه يستحب له تركه إذا لم يجب صرفه في قضاء دين أو نفقة عيال، وإن كان الأب قبضه بالمعاملات الربوية التي يرخص فيها بعض الفقهاء جاز للوارث الانتفاع به، وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين. وحينما سئل أيضا عن الرجل يختلط ماله الحلال بالحرام أجاب بقوله:

يخرج قدر الحرام بالميزان فيدفعه إلى صاحبه وقدر الحلال له. وإن لم يعرفه وتعذرت معرفته تصدق به عنه (٤).


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٩
(٣) سورة البقرة الآية ٢٨٠
(٤) مجموع الفتاوى، جزء (٢٩)، ص ٣٠٧.