للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أصحابنا من حمل ذلك على الورع دون التحريم وأباح التصرف في القليل والكثير بعد إخراج قدر الحرام منه، وهو قول الحنفية وغيرهم، وأخذ به قوم من أهل الورع منهم بشر الحافي. ورخص قوم من السلف في الأكل ممن يعلم في ماله حرام ما لم يعلم أنه من الحرام بعينه فصح كما تقدم عن مكحول والزهري، وروي مثله عن الفضل بن عياض وروي في ذلك آثار عن السلف (١).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى وقال تعالى تم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك (٤)» رواه مسلم. - مما جاء في شرح هذا الحديث يقول ابن رجب: وأما الصدقة بالمال الحرام فغير مقبولة كما في صحيح مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول (٥)» وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما تصدق عبد بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه (٦)» وذكر الحديث، وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يكتسب عبد مالا من حرام فينفق منه فيبارك فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، إن الله لا يمحو السيئ


(١) جامع العلوم والحكم، من ص ٥٨ إلى ص ٦٢، وله زيادة تفصيل في الموضوع فارجع إليه.
(٢) صحيح مسلم الزكاة (١٠١٥)، سنن الترمذي تفسير القرآن (٢٩٨٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٢٨)، سنن الدارمي الرقاق (٢٧١٧).
(٣) سورة المؤمنون الآية ٥١ (٢) {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}
(٤) سورة البقرة الآية ١٧٢ (٣) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}
(٥) صحيح مسلم الطهارة (٢٢٤)، سنن الترمذي الطهارة (١)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٢٧٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٧٣).
(٦) صحيح البخاري الزكاة (١٤١٠)، صحيح مسلم الزكاة (١٠١٤)، سنن الترمذي الزكاة (٦٦١)، سنن النسائي الزكاة (٢٥٢٥)، سنن ابن ماجه الزكاة (١٨٤٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣١)، موطأ مالك الجامع (١٨٧٤)، سنن الدارمي الزكاة (١٦٧٥).