للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر والربط والمساجد ومصالح طريق مكة، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فيتصدق به على فقير أو فقراء وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه؛ فإن سلم إليه صار المسلم ضامنا بل ينبغي أن يحكم رجلا من أهل البلد متدينا عالما، فإن التحكيم أولى من الانفراد فإن عجز عن ذلك تولاه بنفسه، فإن المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة.

وإذا دفعه إلى الفقير لا يكون حراما على الفقير بل يكون حلالا طيبا، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه. وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته؛ لأنه أيضا فقير. وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب وهو كما قالوه، ونقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف عن أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع؛ لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر، فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين، والله سبحانه وتعالى أعلم (١).

أقول: وقد فصل الغزالي الكلام على هذا الموضوع في كتابه (الإحياء) في الجزء الثاني منه تحت عنوان- باب كيفية خروج التائب عن المظالم المالية- فذكر كيفية التمييز والإخراج والمصرف فارجع إليه لمزيد. ومن مسائله التي ذكرها ما يلي:


(١) المجموع شرح المهذب، جزء (٩)، صفحة ٣٤٢ و ٣٤٣.