إذا كان الحرام أو الشبهة في يد أبويه فليمتنع عن مؤاكلتهما، فإن كانا يسخطان فلا يوافقهما على الحرام المحض بل ينهاهما فلا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى، فإن كان شبهة وكان امتناعه للورع فهذا قد عارضه أن الورع طلب رضاهما، بل هو واجب فليتلطف في الامتناع فإن لم يقدر فليوافق؛ وليقلل الأكل بأن يصغر اللقمة ويطيل المضغ ولا يتوسع فإن ذلك عدوان. إلى أن قال:
مسألة:
سئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى فقال له قائل: مات أبي وترك مالا وكان يعامل من تكره معاملته فقال تدع من ماله بقدر ما ربح فقال: له دين وعليه دين فقال: تقضي وتقتضي، فقال: أفترى ذلك؟ فقال: أفتدعه محتبسا بدينه؟ وما ذكره صحيح وهو يدل على أنه رأى التحري بإخراج مقدار الحرام؛ إذ قال: يخرج قدر الربح، وأنه رأى أن أعيان أمواله ملك له بدلا عما بذله في المعاوضات الفاسدة بطريق التقابض والتقابل مهما كثر التصرف وعسر الرد وعول في قضاء دينه على أنه يقين فلا يترك بسبب الشبهة.