للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حرام؟ ينبني على مسألة تحريم تناوله وفيها أقوال في المذهب.

أحدها: التحريم مطلقا قطع به شرف الإسلام عبد الوهاب في كتابه المنتخب ذكره قبيل باب الصيد. وعلل القاضي وجوب الهجرة من دار الحرب بتحريم الكسب عليه هناك لاختلاط الأموال لأخذه من غير جهته ووضعه في غير حقه. قال الأزجي في نهايته: هو قياس المذهب كما قلنا في اشتباه الأواني الطاهرة بالنجسة، وقدمه أبو الخطاب في الانتصار في مسألة اشتباه الأواني. وقد قال أحمد: لا يعجبني أن يأكل منه. وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن الذي يتعامل بالربا يؤكل عنده قال لا؟ قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوقوف عند الشبهة، وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام (١)». وفي البخاري عن أنس بن مالك قال: (إذا دخلت على مسلم لا يتهم فكل من طعامه واشرب من شرابه) وعن الحسن بن علي مرفوعا: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (٢)» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.

والثاني: إن زاد الحرام على الثلث حرم الأكل وإلا فلا. قدمه في الرعاية لأن الثلث ضابط في مواضع.

والثالث: إن كان الأكثر الحرام حرم؛ وإلا فلا إقامة للأكثر مقام الكل لأن القليل تابع قطع به ابن الجوزي في المنهاج. وذكر الشيخ تقي الدين أنه أحد الوجهين، وقد نقل الأثرم وغير واحد عن الإمام أحمد فيمن ورث مالا ينبغي إن عرف شيئا بعينه أن يرده، وإلا كان الغالب في ماله الفساد تنزه عنه أو نحو هذا، ونقل عنه حرب في الرجل يخلف مالا إن


(١) صحيح البخاري الإيمان (٥٢)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٩)، سنن الترمذي البيوع (١٢٠٥)، سنن النسائي البيوع (٤٤٥٣)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٢٩)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٧٠)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣١).
(٢) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٥١٨)، سنن النسائي الأشربة (٥٧١١)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٠٠)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣٢).