للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإسلام) ما نصه:

مقدار ما يتلف من المنكر ومذاهب العلماء.

وكذلك الذي قام به المنكر في إتلافه. نهي عن العود إلى ذلك المنكر وليس إتلاف ذلك واجبا على الإطلاق، بل إذا لم يكن في المحل مفسد جاز إبقاؤه إما لله وإما أن يتصدق به، كما أفتى طائفة من العلماء على هذا الأصل أن الطعام المغشوش من الخبز والطبيخ والشواء كالخبز والطعام الذي لم ينضج، وكالطعام المغشوش وهو الذي خلط بالردئ وأظهر المشتري أنه جيد أو نحو ذلك يتصدق به على الفقراء فإن ذلك أولى من إتلافه.

وإذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أتلف اللبن الذي شيب للبيع فلأن يجوز التصدق بذلك بطريق الأولى فإنه يحصل به عقوبة الغاش وزجره عن العود ويكون انتفاع الفقراء بذلك أنفع من إتلافه.

وعمر أتلفه؛ لأنه يغني الناس بالعطاء فكان الفقراء عنده في المدينة إما قليلا وأما معدومين، ولهذا جوز طائفة التصدق به وكرهوا إتلافه. ففي المدونة عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب كان يطرح اللبن المغشوش في الأرض أو بالصاحبة، وكره ذلك مالك في رواية ابن القاسم ورأى أن يتصدق به وهل يتصدق باليسير؟ فيه قولان للعلماء وقد روى أشهب عن مالك منع العقوبات المالية وقال: (لا يحل ذنب من الذنوب مال إنسان وإن قتل نفسا) لكن الأول أشهر عنه. وقد استحسن أن يتصدق باللبن المغشوش، وفي ذلك عقوبة الغاش بإتلافه عليه ونفع المساكين بإعطائهم إياه ولا يهراق. قيل لمالك فالزعفران والمسك أتراه مثله؟ قال ما أشبهه بذلك إذا كان هو غشه فهو كاللبن، قال ابن القاسم: هذا في الشيء الخفيف منه، فأما إذا كثر منه فلا أرى ذلك وعلى صاحبه العقوبة لأنه يذهب في ذلك أموال عظام يريد في الصدقة بكثيره. قال