للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا خبر من الله عز وجل: أن الإسلام دينه الذي بعث به عيسى والأنبياء قبله، لا النصرانية ولا اليهودية، وتبرئة من الله تعالى لعيسى ممن انتحل النصرانية ودان بها، كما برأ إبراهيم من سائر الأديان غير الإسلام، وذلك احتجاج من الله- تعالى ذكره- لنبيه صلى الله عليه وسلم على وفد نجران.

وأمر الله تعالى خاتم النبيين محمدا صلى الله عليه وسلم بذلك فقال {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (١) {لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (٢) فهو أول المسلمين من هذه الأمة، لأن إسلام كل نبي متقدم على إسلام أمته، وهو عليه السلام يبين قي هذا الدعاء مسارعته إلى الامتثال بما أمر به، فلو لم يكن أحد مسلما لكان هو عليه السلام أول مسلم لله تعالى، إذ الإسلام دين الأنبياء جميعا.

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يستفتح بقولة: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا (من) أول المسلمين (٣)».


(١) سورة الأنعام الآية ١٦٢
(٢) سورة الأنعام الآية ١٦٣
(٣) أخرجه الإمام مسلم ١/ ٥٣٤ - ٥٣٥، كتاب صلاة المسافرين وأبو داود، مختصر المنذري ١/ ٣٧٠ - ٣٧٢ ما تستفتح به الصلاة، والترمذي ٥/ ١٤٩ - ١٥٠ في الدعوات، والنسائي ٢/ ١٠٠ في الافتتاح، وابن خزيمة في صحيحه ١/ ٢٣٥ في ذكر الدعاء بين تكبيرة الافتتاح. وابن حبان في موارد الظمآن ١٢٤، والإمام أحمد في المسند ١/ ٢٣٠، وانظر: مجمع الزوائد ١/ ١٠٦ - ١٠٧، التخليص الحبير: لابن حجر ٢٨١/ ٢٢٩، شرح معاني الآثار: للطحاوي ١/ ١٩٩.