للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو خاص بها أم يوصف به من سبقها من الأمم ويطلق على من آمن بنبيه من أمة موسى وعيسى وغيرهما من الأنبياء صلوات الله عليهم وعلى نبينا وتسليمه؟.

وللعلماء في هذه المسألة قولان مشهوران، حكاهما غير واحد من الأئمة:

أحدهما: أنه يطلق الإسلام على كل دين حق، ولا يختص بهذه الملة، وبهذا أجاب ابن الصلاح -رحمه الله- فقال: يطلق اسم الإسلام على الجميع، وهو اسم لكل دين حق لغة وشرعا، فقد ورد ذلك بألفاظ راجعة إلى هذا في كتاب الله تعالى (١).

واستدل لهذا الرأي بقوله تعالى {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٢) {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (٣) وبقوله تعالى {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (٤) وقوله تعالى {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} (٥).

وأجاب الإمام السيوطي عن ذلك أنه كان يطلق فيما تقدم على الأنبياء، وما أطلق على غيرهم إلا على سبيل التغليب أو على سبيل التبعية (٦).

والقول الثاني: أن الإسلام خاص بهذه الملة الشريفة، ووصف المسلمين خاص بهذه الأمة المحمدية، ولم يوصف به أحد من الأمم السابقة سوى الأنبياء فقط، وقد خصت هذه الأمة من بين سائر الأمم


(١) فتاوى ابن الصلاح في التفسير والعقائد، ص ٣٧، ضمن مجموعة الرسائل المنيرية، في الجزء الرابع.
(٢) سورة الذاريات الآية ٣٥
(٣) سورة الذاريات الآية ٣٦
(٤) سورة البقرة الآية ١٣٣
(٥) سورة يونس الآية ٨٤
(٦) الحاوي للفتاوى: لجلال الدين السيوطي ٢/ ٢٢٤.