للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بخصائص لم تكن لأحد سواها، إلا للأنبياء فقط.

ومن الأدلة التي ترجح هذا القول: قوله تعالى {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (١)، فلو لم يكن قوله سبحانه {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ} (٢) خاصا بهذه الأمة، كالذي ذكر قبله من الهداية ورفع الحرج، لم يكن لتخصيصه بالذكر ولاقترانه بما قبله معنى.

ولم يذكر الله سبحانه بالإسلام غير هذه الأمة، ولم نسمع بأمة ذكرت بالإسلام غيرها، ونصوص أئمة السلف المفسرين من الصحابة وغيرهم من التابعين وأتباعهم: إن الله تعالى سمى هذه الأمة " المسلمين " في اللوح المحفوظ وفي التوراة والإنجيل وسائر الكتب المنزلة وفي القرآن الكريم، فإنه اختصهم بهذا الاسم من بين سائر الأمم فلا يدعون إلا به، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثى جهنم)، قالوا: يا رسول الله وإن صام وإن صلى؟ قال: (نعم، وإن صام وإن صلى وزعم أنه مسلم، فادعوا المسلمين بأسمائهم، بما سماهم الله عز وجل: المسلمين المؤمنين، عباد الله عز وجل (٣)».


(١) سورة الحج الآية ٧٨
(٢) سورة الحج الآية ٧٨
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٤/ ١٣٠ و ٥/ ٣٤٤، والترمذي في الأمثال ٤/ ٢٢٦ - ٢٢٧ وقال: حسن صحيح غريب، وقال ابن كثير في التفسير ١/ ٥٩ هذا حديث حسن وعزاه للنسائي في ٣/ ٢٣٧، وأخرج الآجري في الشريعة قطعة منه بإسناده ص ٨. وقوله من جثي جهنم - وفي المسند جثاء- أي من جماعاتها، والجثوة: ما جمع من تراب وغيره، فاستعيرت، وروي: "جثي" وهو جمع جاث، من قوله تعالى " / ٤٠٣/ ٤٠٣ حول جهنم جثيا ". انظر: الفائق: للزمخشري ١/ ١٩٠، ترتيب القاموس المحيط ١/ ٤٤٥.