للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلف (١)» أخرجه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وفي لفظ: «لا يحل بيع وسلف (٢)». ولأنه اشترط عقدا في عقد ففسد كبيعتين في بيعة، ولأنه إذا اشترط القرض زاد في الثمن لأجله، فتصير الزيادة في الثمن عوضا عن القرض وربحا له وذلك ربا محرم، ففسد لو صرح به، ولأنه بيع فاسد فلا يعود صحيحا كما لو باع درهما بدرهمين ثم ترك أحدهما، هذا ويحتمل أن يبطل الشرط وحده، ولكن المشهور في مذهب أحمد أن هذا الشرط الفاسد يبطل العقد.

ويبدو أن المذهب الحنبلي، في منعه الجمع بين شرطين في العقد والجمع بين بيع وسلف، إنما يحتفظ ببقايا من مبدأ وحدة الصفقة، كما فعل المذهب المالكي في منعه الجمع بين بيع وسلف. وإنما تخطى المذهبان الحنبلي والمالكي مبدأ وحدة الصفقة في البيع والشرط الواحد؛ لأن خطب الشرط الواحد يسير وهو تابع للعقد ومتمم له. فلا يخل بوحدته إخلالا جسيما. أما إذا كان لتعدد الصفقة مظهر أوضح بأن اجتمع في العقد شرطان لا شرط واحد عند أحمد أو بأن اجتمعت صفقتان متقابلتان في عقد واحد عند أحمد ومالك، فهذا تعدد جسيم في الصفقة لا يجوز احتماله، وما احتمل منه اليسير لا يحتمل منه الكثير.

فالمذهبان المالكي، الحنبلي وقفا جامدين هنا، ولم يتخطيا مبدأ وحدة الصفقة تخطيا تاما ولم يجيزا تعدد الصفقة في صورته السافرة. وننظر الآن ماذا فعل ابن تيمية.

* * *


(١) سنن الترمذي البيوع (١٢٣٤)، سنن النسائي البيوع (٤٦٣١)، سنن أبو داود البيوع (٣٥٠٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٧٥)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٦٠).
(٢) سنن النسائي البيوع (٤٦١١)، سنن أبو داود البيوع (٣٥٠٤)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٧٥)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٦٠).