للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما يأمر بما أوحي إليه، فطاعته في ذلك طاعة لربه، قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} (١) وروى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل الناس يدخل الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله وكيف يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى (٢)» ولا شك أن طاعته هي فعل ما أمر به، وتجنب ما نهى عنه، والتسليم مع ذلك لما جاء به، والرضى بحكمه وترك الاعتراض على شرعه أو التعقب والانتقاد لحكمه.

٣ - ومن ذلك أمر الأمة باتباعه والاقتداء بسنته، وقد رتب الله على ذلك الاهتداء والمغفرة، وجعله علامة على صدق المحبة لله تعالى، قال عز وجل: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (٣) ولما ادعى اليهود والنصارى أنهم أبناء الله وأحبابه أنزل آية المحنة، وهي قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٤) {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (٥) وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (٦) ولا شك أن مما يجب على العباد محبة ربهم الذي خلقهم وأنعم عليهم، ولكن حصول هذه المحبة وقبولها متوقف على اتباع هذه النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد جعل الله من ثواب اتباعه محبة الله تعالى لمن اتبعه ومغفرته له، ولكن علامة هذا الاتباع تقليده - صلى الله عليه وسلم - والسير على نهجه، والاقتداء به في سيرته وأعماله وقرباته، وتجنب كل ما نهى عنه، والحذر من مخالفته التي نهايتها


(١) سورة النساء الآية ٨٠
(٢) هو في صحيح البخاري برقم ٧٢٨٠.
(٣) سورة الأعراف الآية ١٥٨
(٤) سورة آل عمران الآية ٣١
(٥) سورة آل عمران الآية ٣٢
(٦) سورة الأحزاب الآية ٢١