للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخروج عن التأسي به، كما ثبت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا فمن رغب عن سنتي فليس مني (١)» ٤ - ومن ذلك محبته الصادقة بالقلب والقالب، بل تقديمها على ما سواها قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (٢) فانظر كيف وبخهم على تقديم شيء من هذه الأصناف الثمانية التي تميل إليها النفس عادة وتؤثر الحياة لأجلها على محبة الله ومحبة رسوله، وتوعدهم بقوله (فتربصوا). . الخ أي انتظروا أمر الله وهو أثر سخطه وغضبه، بما ينزله من العقوبة، وفي ذلك أبلغ دليل على وجوب محبة الله تعالى ومحبة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقد أكد ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنته كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس: «ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان، أن يكون الله رسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار (٣)» متفق عليه وفي الصحيحين أيضا عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين (٤)» ولما قال له عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: «والله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي قال: لا يا عمر حتى أكون أحب إليك من نفسك فقال - رضي الله عنه - والله لأنت أحب إلى من كل شيء حتى من نفسي. فقال: الآن يا عمر (٥)» رواه البخاري (٦)، وقد ورد في الحديث أن من ثواب محبته - صلى الله عليه وسلم - الاجتماع معه في الآخرة، وذلك لما «سأله رجل عن الساعة فقال: ما


(١) رواه البخاري برقم ٥٠٦٣ وغيره عن أنس
(٢) سورة التوبة الآية ٢٤
(٣) هو في صحيح البخاري ١٦ مسلم ٢/ ١٣.
(٤) رواه البخاري برقم ١٥ ومسلم ٢/ ١٥.
(٥) صحيح البخاري الأيمان والنذور (٦٦٣٢)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٢٩٣).
(٦) هو في صحيح البخاري برقم ٦٦٣٢.