عياض وغيرهم، بل هو قول الجمهور، ونص عليه مالك، ولم يخالفه أحد من الأئمة، ولكن ليس المراد النهي عن زيارة القبور بدون شد رحل، فقد ورد الترغيب فيها، وأنها تذكر الآخرة، وأن الزائر يدعو للأموات ويترحم عليهم، وهذا يحصل في أقرب مقبرة عنده، فإن كل بلد لا تخلو من المقابر، فأما إعمال المطي والسفر إلى بلد بعيد لأجل بقعة أو قبر، فإنما يكون ذلك لاعتقاد عظمة ذلك المقبور، وأهليته أن يعظم ويدعى ويرجى، فيصرف له خالص العبادة، فلا جرم ورد النهي عن شد الرحال لغير المساجد الثلاثة، وقد روى الإمام أحمد وغيره عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري أنهما منعا شد الرحل إلى الطور، لأجل الصلاة فيه، واستدلا بحديث النهي عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مع أن الله ذكر الطور وسماه بالوادي المقدس، والبقعة المباركة، وكلم عبده موسى هناك، وعلى هذا فمن سافر إلى المدينة قاصدا المسجد النبوي الذي تكون الصلاة فيه بألف صلاة فسفره طاعة وقربة، وله بعد الصلاة في المسجد أن يسلم على القبر الشريف، وعلى قبور الصحابة والشهداء، ويدعو لهم، فأما من أنشأ السفر لأجل القبر نفسه، سواء للسلام عليه أو للدعاء عنده فسفره بدعة منكرة، حيث خالف حديث لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم فأما الأحاديث المروية في فضل الزيارة للقبر الشريف فكلها ضعيفة أو موضوعة، كما حقق ذلك العلماء، فليتنبه لذلك والله الموفق.