للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكرها البهوتي رحمه الله في الكشاف فقال:

ويصح الجمع بين تقدير العمل والمدة كأن يقول: من خاط لي هذا الثوب في يوم فله كذا فإن أتى به فيها استحق الجعل ولم يلزمه شيء آخر وإن لم يف به فيها فلا يلزمه شيء له. اهـ (١).

فعلى القول بأنه يستحق أجرة المثل إن لم يكن أكثر من الجعل ففي حال نقص أجرة المثل عن الجعل فإن الفرق بينهما في مقابلة التأخير، وعليه فيمكن أن يقال بأن الشرط الجزائي يشبهه من حيث إن استحقاق الشرط الجزائي في مقابلة الإخلال بالالتزام ومنه التأخير.

هـ - المسألة التي حكم فيها القاضي شريح والتي سبق ذكرها في أول البحث ونصها: روى البخاري في صحيحه بسنده عن ابن سيرين أن رجلا قال لكريه: أدخل ركابك فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا فلك مائة درهم، فلم يخرج فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكروه فهو عليه. اهـ.

فهذه المسألة صريحة في أنها من أنواع الشروط الجزائية.

ويمكن أن يقال بتصحيح الشرط الجزائي بناء على اعتباره عقوبة مالية في مقابلة الإخلال بالالتزام حيث إن الإخلال به مظنة الضرر وتفويت المنافع، ولأن في تصحيحه ووجوب الوفاء به سدا لأبواب الفوضى والتلاعب بحقوق عباد الله، وسببا من أسباب الحفز على الوفاء بالوعود والعهود تحقيقا لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (٢)

هذا ومن الجدير بالذكر أن اللجنة بنت ما ذكرته من احتمالات في تطبيق الضوابط وفي الإلحاق بالنظائر على أوسع المذاهب في ذلك، وأقر بها إلى قوة الدليل، فإن سلم ذلك وظهر الحكم فالحمد لله، وإلا فالشرط الجزائي أبعد عن الحكم فيه بالجواز إذا طبقت عليه ضوابط الشروط الصحيحة والفاسدة في المذاهب الفقهية الأخرى كالمذهب الحنفي والشافعي، اللهم إلا أن ينظر إلى ما نقل عن الحنفية من اعتبار ما جرى به التعامل وتعارفه الناس في معاملاتهم وكان غير مناقض لمقتضى العقد، فبهذا يمكن أن يقال: إن الشرط الجزائي يتسع له هذا الضابط، فيعد من الشروط الصحيحة.

هذا ما تيسر ذكره، وبالله التوفيق. . وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. .


(١) كشف القناع عن متن الإقناع جـ ٤ ص ١٧٣.
(٢) سورة المائدة الآية ١