للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نظر، فالمخالف لا يوافقه على ذلك كما مر في النقل عن ابن قدامة رحمه الله.

خامسا: لم يذكر في تعريف بيع العربون تعيين مدة، فكان شبهة بالخيار المجهول ثابتا.

ب - مسألة ما إذا أعطى الرجل الخياط ثوبه فقال له: إن خطته اليوم فبعشرة أو خطته غدا فبتسعة. فهذه المسألة بحثها الفقهاء رحمهم الله ومنهم أبو الحسن المرداوي الحنبلي، فقد قال ما نصه:

قوله: وإن قال: إن خطت هذا الثوب اليوم فلك درهم وإن خطته غدا فلك نصف درهم فهل يصح؟ على روايتين. وأطلقهما في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمغني والشرح والفائق وشرح ابن منجا والحاوي الصغير إحداهما لا يصح وهو المذهب، والرواية الثانية يصح، وقدمه في الرعايتين. اهـ (١).

ج - مسألة ما إذا أكرى لأحد الناس دابة فقال: إن ردتها اليوم فكراؤها خمسة وإن رددتها غدا فكراؤها عشرة. فقال أحمد في رواية عبد الله: لا بأس به، قال في الفائق: صح في أصح الروايتين وجزم في الوجيز والمذهب وقدمه في الرعايتين والخلاصة والحاوي الصغير والنظم (٢).

فعلى رأي القائلين بصحة العقد في المسألتين (ب - جـ) يكونون قد صححوا اقتطاع جزء من كل الأجرة جزاء التأخير، وهذا يشبهه الشرط الجزائي من حيث إن كلا منهما يوجب على المتسبب في الإخلال بالاتفاق غرامة مالية يجري تقديرها سلفا في مبدأ العقد. وقد يرد على ذلك بأن العقد في كلتا الصورتين ليس مشتملا على شرط التنجيز بخياطة الثوب أو رد الدابة وإنما هو عقد تخييري لحالين، أي حال منهما يقع عليها الاختيار يتعين العقد بموجبها، وعليه فليس فيه اقتطاع جزء من كامل الأجرة.

د - مسألة إذا قال: من خاط لي هذا الثوب في هذا اليوم فله كذا: فإذا خاطه في اليوم الثاني مثلا فهل يستحق الجعل أو أجرة المثل أو لا يستحق شيئا؟ هذه المسألة ذكرها ابن قدامة رحمه الله في المغني فقال في معرض تفريقه بين الإجارة والجعالة في حكم الجمع بين تقدير المدة والعمل: وإن علقه بمدة معلومة فقال: من رد لي عبدي من العراق إلى شهر فله دينار. أو من خاط قميصي هذا في اليوم فله درهم صح؛ لأن المدة إذا جازت مجهولة فمع التقدير أولى. . . إلى أن قال: فإن العمل الذي يستحق به الجعل هو عمل مقيد بمدة إن أتى به فيها استحق الجعل ولا يلزمه شيء آخر، وإن لم يف به فيها فلا شيء له. اهـ (٣).


(١) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف جـ ٦ ص ١٨.
(٢) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف جـ ٦ ص ٢٠.
(٣) المغني جـ ٦ ص ٢٨ مطبعة الإمام.