للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي نهى عن بيع العربون؛ ولأن العربون اشترط للبائع بغير عوض، وهذا شرط فاسد؛ ولأنه بمنزلة الخيار المجهول إذا اشترط المشتري خيار الرجوع في البيع من غير ذكر مدة كما يقول: ولي الخيار متى شئت ردت السلعة ومعها درهم.

إن أحمد يجيز بيع العربون ويستند في ذلك إلى الخبر المروي عن عمر، وضعف الحديث المروي في النهي عن بيع العربون، وإلى القياس على صورة متفق على صحتها هي: أنه لا بأس إذا كره المشتري السلعة أن يردها ويرد معها شيئا، قال أحمد: هذا في معناه.

ونرى أنه يستطاع الرد على بقية حجج من يقولون ببطلان بيع العربون - فالعربون لم يشترط للبائع بغير عوض إذ العوض هو الانتظار بالمبيع وتوقيف السلعة حتى يختار المشتري وتفويت فرصة البيع من شخص آخر لمدة معلومة، وليس بيع العربون بمنزلة الخيار المجهول إذ المشتري إنما يشترط خيار الرجوع في البيع مع ذكر مدة معلومة إن لم يرجع فيها مضت الصفقة وانقطع الخيار. اهـ.

ويمكن أن يقال بأن الشرط الجزائي يشبه بيع العربون في أن كلا منهما شرط يوجب على من أخل بالشرط عقوبة مالية يجري تعيينها قبل حصول ذلك.

ونوقشت المقارنة والترجيح بما يأتي:

أولا: في سند الأثر الذي فيه شراء نافع من صفوان دار السجن، عبد الرحمن بن فروخ السعد مولى عمر، وهو مجهول العين؛ لأنه لم يرو عنه إلا عمرو بن دينار ولذا ترك مسلم الرواية عنه في صحيحه، ولم يرو عنه البخاري إلا في التعليقات اللهم إلا أن يقال: إن الشهرة تقوم مقام راو آخر، ذكر معنى ذلك ابن حجر في تهذيب التهذيب عن الحاكم.

ثانيا: هذا الأثر يحتمل متنه أن يكون عقد الشراء قد أبرم فعلا بين نافع وصفوان، ويحتمل أن يكون مجرد وعد من نافع لصفوان بالشراء، ثم كان العقد بعد العرض على عمر ورضاه.

ثالثا: دعوى الاتفاق على ما قاله ابن سيرين من أنه لا بأس إذا كره السلعة أن يردها ويرد معها شيئا، تحتاج إلى إثبات حتى يتأتى قياس بيع العربون عليه، وإلا فمجرد قول ابن سيرين ليس بأصل يرجع إليه في الاستدلال، والإمام أحمد ليس بمجتهد مذهب حتى يقال إن هذا من باب التخريج على مسألة في المذهب بل هو مجتهد مطلق يرجع في اجتهاده إلى الأصول الشرعية.

رابعا: ذكر الأستاذ السنهوري أن العربون عوض عن انتظار البائع أو عن تفويت فرصة البيع عليه، فهل الانتظار أو تفويت الفرصة مما يقوم بمال حتى يستحق البائع العربون عوضا عنه؟ هذا محل