للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (١) وباب التوبة مفتوح إلى يوم القيامة، كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

وبالنسبة للنفس البشرية فمما يطمئنها أن التوبة مقبولة ما لم تغرغر الروح، وهذه بشارة مريحة تبعث الأمل.

وعلامة إقفال باب التوبة في هذه الحياة الدنيا خروج الدابة التي تسم الكافر والمؤمن بعقيدة كل منهما، فلا يخفى بعضهم عن بعض كما قال تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (٣).

ذلك أن الخير في الإيمان، وأن النجاة في التمسك به، فظواهره في الدنيا بارزة في أمور من حياة الفرد والجماعة، سنمر ببعضها عرضا، أما الحديث عنها فيطول.

وفي الآخرة بالفوز والنجاة بما تجده النفس مدخرا، يتمثل أمامها عينا بارزة، بعد أن كان أمرا مخفيا فتتمنى العودة للإيمان، ولكن لا مجال لذلك يقول عز وجل في تخويف المكذبين المعاندين: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} (٤).

وكنموذج واقع يجب أن تأخذ منه النفوس عبرة يحكي الله قصة فرعون الذي طغى وتجبر، فبعد أن أدركه الغرق، وعاين العقاب، ضاع عنه عزه وسلطانه،


(١) سورة الزمر الآية ٥٣
(٢) راجع أحاديث التوبة في صحيح البخاري ومسلم وهي كثيرة في بابها.
(٣) سورة النمل الآية ٨٢
(٤) سورة الأنعام الآية ١٥٨