واختار الله هذه الأمة لتطبيق ذلك فأمن مجتمعهم، واطمأن الناس على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم عند الامتثال، ثم دب القلق في بعض المجتمعات الإسلامية؛ لأن أقواما استبدلوا بحكم الله قانونا بشريا، وغيروا ما أراده الله، بما أخذوه عن غيرهم تقليدا، واستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ولا شيء يؤمن المجتمع، ويحفظ الأمة، ويقضي على أسباب الخوف، إلا بتطبيق ما ارتضاه الله في شرعه، وأكده رسوله الكريم، بحماية الأفراد، والمحافظة على الجماعات؛ لأن الله بعباده رءوف رحيم.
حفظ الأموال من التعدي، والحقوق من التطاول، فالإسلام قد جعل لكل مال حرزه المعتاد حفظه فيه، فمن أخذ شيئا من حرزه اعتبر سارقا، والسارق أعطي جزاؤه بقطع يده، التي تطاولت على ما ليس لها، لضياع الأمانة في القلب، وضعف الإيمان في النفس، قال تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(١).
فقطع اليد ليس عدوانا، أو بقصد التشويه للسارق أو السارقة، ولكنه جزاء لهما باستخفافهما بالأمن، وترويعهما الناس الآمنين، واعتدائهما على ما ليس لهما، وعدم احترامهما لشرع الله الذي يصون الحقوق، ويؤمن الناس بالمحافظة على الأنفس والأموال، من التعدي والتطاول بغير حق، ونكالا من الله لعدم الوقوف عند حدوده التي شرع لعباده؛ لأن التعدي استخفاف بذلك، والله عزيز في ملكه، حكيم في إرادته وتشريعه.
وقد يعتبر اللصوص بتنظيمهم وقدراتهم في إخافة الناس، وسطوهم هنا وهناك على ممتلكات الآخرين، فيقطعوا السبل، ويفسدوا في الأرض، ويعلنوها حربا على الله بامتهان شرعه، وتسلطا على المجتمع بقطع الطرق وإخافة الآمنين، والاعتداء على الأموال والأعراض، والإفساد في الأرض، حيث يضطرب ميزان العدل، وتتخلخل أركانه، فإذا نشأ شيء من ذلك في