للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجتمع من المجتمعات أزعج السلطة، وضعف كيانها، وضاعت الحيلة لتهدئة المجتمع وإعادة الهدوء والأمن إليه، فيأتي شرع الله العزيز الحكيم، ليحل هذه المشكلة، فالله يقضي على هذه المعضلة، بحل قاطع حسبما يقول سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (١) {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٣).

وقد قال الباحثون في أصول الجريمة، المهتمون بطمأنينة المجتمعات: إن الإسلام قد وضع قاعدة قوية في القضاء على الجريمة، في تحريمه الأمور التي تتسبب عنها، أو تدعو إليها: كالخمر والزنا والربا والميسر، ثم بوضعه قواعد تريح العاملين بها وفق منهج سليم يرضي النفوس، ويعطي كل ذي حق حقه، ويمنع التعدي، ثم يفرض جزاءات تجتث الشرور من المجتمع؛ لأن من فيه نزعة شر لا يرتاح إلا بإزعاج الآخرين، ومثل هؤلاء كالجرثومة التي لا بد أن تكافح، أو كالعضو الفاسد لا بد من بتره، وإلا استشرى الداء في الجسد كله.

وإن من تمعن في مدلول الآيات الكريمة الآنفة الذكر، يدرك منهج الإسلام الصارم في القضاء على الأمور التي يترتب عليها إخلال بالأمن، وإزعاج للبشر، وإضرار بالأمة. ومعلوم كما يقول علماء الاقتصاد: بأن رأس المال جبان لا يطمئن إلا بالأمان، ولا يتحرك وينمو إلا مع الأمن الوطني، والقضاء على مثيري القلاقل الآخذين بجهد الآخرين، المخيفين للسبيل، وذلك بسلطة تجازيهم في الدنيا، وتقطع دابرهم من المجتمع، وعمل هذه السلطة يدعمه تشريع قوي، ولا أقوى من حكم الله ورسوله، وتطبيقهما يخيف من تسول له نفسه العمل بمثل عملهم.


(١) سورة المائدة الآية ٣٣
(٢) سورة المائدة الآية ٣٤
(٣) سورة المائدة الآية ٣٥