الخطاب - رضي الله تعالى عنه - أن يعزل عنهم واليهم عمار بن ياسر؛ لأنه لا يحسن السياسة، ولا يعلم ما استعمل عليه، ففعل واستشارهم فيمن يوليه عليهم، فطلبوا أبا موسى الأشعري فولاه عليهم، ثم إنهم طلبوا عزله عن الكوفة؛ لأن غلامه يتجر في بعض أرزاقهم، وذلك بعد قرابة سنة من توليته، فعزله عمر عن الكوفة وصرفه إلى البصرة، وبعث إليهم المغيرة بن شعبة.
وبهذا يحتمل أن عمر - رضي الله عنه - أرسل رسالته في القضاء لأبي موسى في هذه السنة التي تولى فيها أبو موسى على الكوفة ليذكره بأمور القضاء وسياسته، وخاصة عند أناس تكثر لديهم المشاغبة.
ثانيا: قولهم لم يل القضاء، وإنما ولي إمارة البصرة:
من الثابت في كتب التأريخ أن ولاية أبي موسى الأشعري في زمن عمر بن الخطاب للبصرة كانت ولاية عامة، تشتمل الإمارة والقضاء، وفي آخر سنة من خلافة عمر بن الخطاب سنة ثلاث وعشرين يذكر ابن جرير الطبري بصيغة التمريض أنه ولى على قضاء البصرة كعب بن سور، فيقول: [وقيل: كان على قضاء الكوفة في السنة التي توفى فيها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شريح وعلى البصرة كعب بن سور، وأما مصعب بن عبد الله، فإنه ذكر أن مالك بن أنس روى عن ابن شهاب أن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - لم يكن لهما قاض (١).
ثم إنه حتى لو كان مع أبي موسى من يتولى القضاء لما كان هذا مانعا من أن يرسل عمر إلى واليه هذه النصائح في شئون القضاء ليستعين بها في الحكم بين الناس ليرى تطبيقها من قبل القاضي كعب بن سور، وإن عدل عنها رده لما فيها.
ثم في هذا تناقض من الدكتور علي حسن عبد القادر، فهو ينكر أن يكون عمر قد فصل القضاء عن الولاية العامة حيث يقول: [وحقيقة الأمر أنه لم يكن
(١) تأريخ الأمم والملوك جـ٥ ص ٤٢ دار الكفر بيروت سنة ١٣٩٩هـ.