للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستقاة منها، وحاشا الفاروق - رضي الله عنه - أن يحدث في دين الله ما ليس منه، «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (١)»، وعمر القائل: " إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا " (٢).

ومن هنا تبرز أهمية الرسالة؛ إذ هي خلاصة ما استنبطه عمر من نصوص كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - في أمور القضاء ونظمه، جمعها في كلمات معدودة؛ ليسهل على القضاة الرجوع إليها، يقول المبرد: [رسالة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى أبي موسى الأشعري في القضاء جمع فيها جمل الأحكام، واختصرها بأجود الكلام، وجعل الناس بعده يتخذونها إماما، ولا يجد محق عنها معدلا، ولا ظالم عن حدودها محيصا] (٣).

وسأذكر هذه القواعد والتوجيهات التي اشتملت عليها الرسالة، ثم أدلل على كل قاعدة، وأذكر آراء العلماء في ذلك بشيء من الاختصار والإيجاز؛ لأن موضع هذه الأحكام كتب الفقه والمذاهب، وإنما أردت أن أبين من خلالها قيمة الرسالة وأهميتها.

وأهم هذه القواعد هي:

١ - ضرورة القضاء ووجوبه، وكونه فريضة من فرائض الدين.

٢ - وجوب فهم الدعوى والقضية عند التداعي قبل الحكم.

٣ - وجوب إنفاذ الحكم، والمبادرة إلى ذلك بعد اتضاح الحق، وذلك لحفظ هيبة القضاء وتحقيق الغاية منه.

٤ - وجوب العدل والإنصاف والمساواة بين الخصوم في مجلس القضاء،


(١) رواه البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله تعالى عنها ـ صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل فأخطأ - فتح الباري جـ ١٣ ص ٣١٧، وصحيح مسلم ـ كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور - صحيح مسلم بشرح النووي جـ ١٢ ص ١٦.
(٢) رواه ابن جزم بسنده عن عمرو بن حريث في كتاب: الإحكام في أصول الأحكام جـ ٦ ص ٧٧٩ ـ ٧٨٠.
(٣) الكامل جـ١ ص٨.