للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدالته، وأمر برد شهادته كمن جرب عليه شهادة الزور، أو جلد في حد القذف. قال الله تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} (١) {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} (٢).

وفي الصحيحين «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، - وكان متكئا فجلس فقال - ألا وقول الزور، وشهادة الزور، ألا وقول الزور، وشهادة الزور، فما زال يقولها حتى قلت: لا يسكت (٣)» وفي القذف يقول الله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٤).

وقد طلب الله تعالى في الشهود العدالة فقال: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٥) وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (٦).

وهذه الآيات لم تبين مفهوم العدالة، وما تحقق به، ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينها وهي الإسلام. فالإسلام وحده كاف لتحقق العدالة في الشخص. فقد روى عكرمة عن ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إني رأيت الهلال - يعني هلال رمضان - فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: نعم، قال: أتشهد أن محمدا رسول الله قال: نعم، قال: يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا (٧)».

فالرسول - عليه الصلاة والسلام - اعتبر العدالة متحققة في هذا الشاهد بالإسلام لا غير.

وعمر - رضي الله تعالى عنه - في رسالته لأبي موسى أخذ بهذا وجعله مناط


(١) سورة الحج الآية ٣٠
(٢) سورة الحج الآية ٣١
(٣) صحيح البخاري كتاب الأدب. باب عقوق الوالدين من الكبائر. فتح الباري جـ ١٠ص ٤٠٥.، وصحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الكبائر وأكبرها - صحيح مسلم بشرح النووي جـ٢ ص٨١ - ٨٢.
(٤) سورة النور الآية ٤
(٥) سورة الطلاق الآية ٢
(٦) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٧) رواه الترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجه والحاكم - سنن الترمذي، جـ ٣ ص ٧٤، وسنن النسائي ج٤ ص ١٣٢ وسنن أبي داود جـ ص ٥٤٧، وسنن ابن ماجه جـ ١ ص ٥٢٩، والمستدرك جـ١ ص ٤٢٤ وقال: [وهذا الحديث صحيح ولم يخرجاه] أ. هـ.