للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدالة في رأيه، وقد وافقه على ذلك الحسن البصري والليث بن سعد - رضي الله عنهما - (١).

ولكن بعض الفقهاء لما كثر الكذب والتزوير، وذهبت خير القرون أضافوا إلى اشتراط الإسلام في العدالة شروطا أخرى. قال ابن قدامة: [معرفة العدالة شرط في قبول الشهادة بجميع الحقوق، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد، وعن أحمد رواية أخرى: يحكم بشهادتهما إذا عرف إسلامهما بظاهر الحال، إلا أن يقول الخصم هما فاسقان، وهذا قول الحسن، والمال والحد في هذا سواء لأن الظاهر من المسلمين العدالة، ولهذا قال عمر - رضي الله عنه -: " المسلمون عدول بعضهم على بعض "] (٢).

وعرف ابن حزم العدل - بالإضافة إلى الإسلام - بقوله: [والعدل هو من لم تعرف له كبيرة، ولا مجاهرة بصغيرة، والكبيرة هي: ما سماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبيرة، أو ما جاء فيه الوعيد. والصغيرة: ما لم يأت فيه وعيد. برهان ذلك: قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (٣).

وليس إلا فاسق أو غير فاسق. فالفاسق هو الذي يكون منه الفسق، والكبائر كلها فسوق، فسقط قبول خبر الفاسق، فلم يبق إلا العدل، وهو من ليس بفاسق] (٤).

وقد فهم بعض العلماء أن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - رجع عن رأيه في الاكتفاء بالإسلام لاعتبار العدالة فقال ابن فرحون: [قال ابن سهل: وقول عمر - رضي الله عنه - في هذه الرسالة: " المؤمنون عدول بعضهم على بعض "


(١) تبصرة الحكام جـ ١ ص ٢٨.
(٢) المغني جـ٩ ص ٦٣ - ٦٤.
(٣) سورة الحجرات الآية ٦
(٤) المحلى جـ١٠ ص٥٦٤.