للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد «قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوم كان معهم رجل به جراحه - وهم في سفر - فأصابته جنابة فسأل أصحابه: هل لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: إنما عليك الغسل. فاغتسل فمات. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بلغه الخبر: قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال (١)».

فما أكثر هذا الصنف من الناس - اليوم - الذين يفتون الناس بما لا يعلمون صحته ويتصدرون لما ليسوا أهلا له لجهلهم العظيم بحقيقة أنفسهم وما يتكلمون فيه وما ينبني على فتاواهم من فساد وقد قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (٢) {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ} (٣) ومثلهم أولئك الذين يحرمون ما أحل الله لهم من طعام ونساء وسكن ومركوب ونحوه لأدنى سبب فيحلفون بتحريم ذلك عند أتفه الأمور تكريما لأحد أو توفيرا عليه أو منعا له من شيء أو تأديبا أو حمية جاهلية فيتجرءون على الله وشرعه وينتهكون حرماته تعظيما لأشياء عادية بسيطة ولكن أكثرهم لا يعلمون أن ذلك من زور القول الذي أمروا باجتنابه وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} (٤).

وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (٥).

وأخطر من هؤلاء وأولئك قوم يكتمون الحق مع علمهم به ويظهرون الباطل ويدعون إليه الناس ويزينونه لهم بما يسمونه به من زخرف القول أسماء يخترعونها من قبل أنفسهم تزويرا للحقائق وكذبا على الله ورسوله وفتنة للعامة كأولئك


(١) سبل السلام ج١ ص ٩٩.
(٢) سورة النحل الآية ٤٣
(٣) سورة النحل الآية ٤٤
(٤) سورة المجادلة الآية ٢
(٥) سورة المائدة الآية ٨٧