للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرمة شديد الخطر حيث يدل على ضعف الإيمان أو على انتفائه بالكلية إذ لا يقر المنكر إلا عاجز أو فاسد، والعاجز أقل أحواله هجر المكان أو الشخص لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، وفي رواية وليس وراء ذلك من الإيمان مثقال حبة خردل (١)».

وقد قال تعالى في شأن قوم حضرتهم الوفاة حال إقامتهم مع أهل المنكر حال استطاعتهم على مفارقتهم والبعد عنهم ومع ذلك لم يفعلوا: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (٢) {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} (٣) {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} (٤) وقد روى الإمام أحمد في مسنده وأبو داود في سننه عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل كان الرجل يلقى الرجل - يعني على المعصية - فيقول: يا هذا اتق الله ودع ما تصنع فإنه لا يحل لك. ثم يلقاه من الغد فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض (٥)» ثم قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (٦) {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (٧).


(١) صحيح مسلم الإيمان (٤٩)، سنن الترمذي الفتن (٢١٧٢)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٠٩)، سنن أبو داود الصلاة (١١٤٠)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٥٤).
(٢) سورة النساء الآية ٩٧
(٣) سورة النساء الآية ٩٨
(٤) سورة النساء الآية ٩٩
(٥) تفسير ابن كثير ج ٢ ص ٨٢.
(٦) سورة المائدة الآية ٧٨
(٧) سورة المائدة الآية ٧٩