للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبارتهم في تفسيره هو من اختلاف التنوع فليس اختلاف تضاد؛ لأن كل ما ذكروه - رحمهم الله - هو من أنواع الباطل الذي يزوره أهله بتحسينه إلى الناس وتزيينه في أعينهم ليتبعوهم عليه. فمعنى الآية إخبار الله تعالى أن عباده لا يحضرون شيئا من الباطل لا شركا ولا كذبا ولا غناء ولا عيدا من أعياد الجاهلية، ولا يحضرون موائد الخمر والقمار فتميزوا بأنهم لا يحضرون شيئا مما يوصف شرعا بأنه باطل وزور. وإذا كانوا لا يحضرونه فمن باب أولى أن لا يقولوا به ولا يفعلوه، فلا يشهدون بما لم يستيقنوا صحته أو عرفوا بطلانه، ولا يفعلون شيئا من الباطل، ولا يكثرون سواد أهله ويعمرون مجالسهم لكمال، لبغضهم للزور وأهله ومحبتهم للحق وأهله فهم كما قال ربهم سبحانه في وصفهم: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} (١).

فدلت آية سورة الفرقان السابقة وهي قوله تعالى في وصف عباده: {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (٢) أنه يتعين على المسلم الحق أن يتجنب مواطن الزور واجتماعات أهلها لما تشتمل عليه من الفسوق والعصيان وينبعث منها من الفتنة والضلالة خوفا من ربه وشحا بدينه وحذرا من مكر أعدائه ومن هذه المواطن:


(١) سورة الإسراء الآية ٥٧
(٢) سورة الفرقان الآية ٧٢