للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدعوة هو الذي سارت عليه الأنبياء ومن تبعهم من الأمم " منذ أن تفضل الله بهدايته على الإنسان عبر الأزمان، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (١).

وقال سبحانه:

{فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} (٢).

من هنا نعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كانا في الأديان السابقة، ولذا فإننا نرد دعوى من ادعى أن ذلك الأمر خاص بأمة محمد دون الأمم الأخرى، ذلك أن الإنسان في كل الأزمان وعلى كل الأحوال - كما بينا - يحتاج إلى الهداية، والموعظة، والتذكير، ثم الزجر، والمنع، والردع. . . وحيثما كانت رسالة كانت دعوة، وحيثما كانت دعوة فهناك احتساب.

وصحيح أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصبح ميزة من مميزات أمة محمد (صلى الله عليه وسلم)؛ لأنها هي التي حافظت عليه حين أضاعته الأمم الأخرى من يهود ونصارى. وهذه الميزة أضحت مناط أفضلية أمة الإسلام على الأمم الأخرى كما سنذكره - إن شاء الله - لكن الاحتساب بمعنى الدعوة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قديم قدم انحرافات البشرية؛ لأن أمرها على هذا لا يستقيم بدونه، وأول الإشارات فيه تعود إلى عهد نوح (عليه السلام). فقد جاء في القرآن الكريم:

{قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا} (٣) {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} (٤) {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} (٥) {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا} (٦) {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} (٧).


(١) سورة الحديد الآية ٢٥
(٢) سورة هود الآية ١١٦
(٣) سورة نوح الآية ٥
(٤) سورة نوح الآية ٦
(٥) سورة نوح الآية ٧
(٦) سورة نوح الآية ٨
(٧) سورة نوح الآية ٩