للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن بعد نوح جاء لقمان (عليهما السلام) وكانت وصيته لابنه وهو يعظه دليلا على اهتمام واضح بدعوى الاحتساب كما جاء في الآية:

{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (١).

وهذه الوصية تجمع ثلاث خصال من خصائص الأمة التي تأمن الخسران في الدنيا، وتضمن الجنات في الآخرة: وهذه الخصال هي:

- العمل الصالح المتمثل في الصلاة.

- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

- الصبر. . الذي هو عدة الدعاة.

ثم جاءت رسالة موسى وهارون (عليهما السلام)، والتي اهتدى بهداها من شاء الله له الإيمان والنجاة، وضل عنها آخرون من السفهاء البغاة. وترددت في القرآن الكريم أصداء مواقف هؤلاء المؤمنين وأولئك الكافرين، فعن الفئة الأولى المؤمنة يقول تعالى: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (٢).

أما عن الفئة الثانية الباغية فيقول سبحانه:

{فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (٣).

ويدور الحوار بين الفئتين حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. . حتى ليظن بعض أفراد الفئة المؤمنة أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (بالوعظ والتذكير) قد لا يفيد مع المعاندين، ولكن سلامة الفهم عند بعضهم تشير إلى قضية أخرى هامة، وهي أن الاحتساب في حد ذاته أمر واجب، وبه يحصل الإعذار. . . وقد تحصل به التزكية والتسامي على الباطل. وهذا كله نجده في قوله تعالى عن جيل من بني إسرائيل:


(١) سورة لقمان الآية ١٧
(٢) سورة الأعراف الآية ١٥٩
(٣) سورة الأعراف الآية ١٦٦