للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (١) {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} (٢).

ثم شاع الانحراف في اليهود بعد ذلك حيث طال عليهم الأمد وقست قلوبهم ونسوا حظا مما ذكروا به، وضلوا كما ضلت قبلهم أمم، وكان السبب الأساسي لانحرافهم هو ترك الاحتساب كما قال الصادق المصدوق محمد - صلى الله عليه وسلم: «إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أنه كان الرجل يلقى الرجل فيقول، يا هذا اتق الله، دع ما تصنع، فإنه لا يحل لك! ثم يلقاه من الغد وهو على حاله فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض (٣)».

وفي كتب أنبياء بني إسرائيل في " العهد القديم " دعوة صريحة لإقامة الاحتساب، والحض على الأمر والنهي، وتعلم العلم، ففي سفر الأمثال المنسوب لسليمان (عليه السلام) جاء:

" لتعط الجهال ذكاء، والشاب معرفة وتدبرا. . يا بني لا تسلك في الطريق معهم، امنع رجلك عن مسالكهم؛ لأن أرجلهم تجري إلى الشر، وتسرع إلى سفك الدم ".

ثم يخاطب الجميع قائلا:

" ارجعوا عند توبيخي. . . لأني دعوتكم فأبيتم؟ ومددت يدي وليس من يبالي، بل رفضتم مشورتي " (٤).

وفي سفر أرمياء:

" ويل للرعاة الذين يهلكون، ويبددون غنم رعيتي. . . . هاأنذا أعاقبكم على شر


(١) سورة الأعراف الآية ١٦٤
(٢) سورة الأعراف الآية ١٦٥
(٣) هذا النص من رواية أبي داود رواه الترمذي وقال حسن غريب.
(٤) أمثال ١: ١ - ٢٥.